لاتزال أعمال الحفر والتأسيس لمشروع قناة إسطنبول مستمرة دون كلل، وكان هذا وعد الحكومة التركية حين وضعت جحز الأساس الأول للمشروع بتاريخ 7 أبريل/ نيسان 2011.
أدهشت فكرة المشروع الخبراء والمحللين والمستثمرين، وبرر لهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان اندهاشهم حين وصف مشروع قناة إسطنبول بالمشروع "المجنون"، إذ تسعى الحكومة التركية من خلال المشروع إلى إنشاء قناة مائية جديدة تربط بين البحر الأسود وبحر مرمرة بشكل موازٍ لمضيق البسفور.
نشرت الحكومة التركية دراساتها التي جرت بواسطة أكثر من 200 جامعة تركية والتي تفيد بإمكانية قيام المشروع من الناحية البيئية والعمرانية، وبينت في تصريحات متتالية الفوائد الاقتصادية والسياسة التي ستدر على تركيا ما أن يرى هذا الحلم النور.
لم تكتفي الحكومة التركية بالإعلان عن بناء قناة مائية بهدف اقتصادي، بل أعلنت عن نيتها إنشاء مدينة ذكية على ضفتي القناة لتنقل بذلك قلب إسطنبول النابض على ضفتي قناة إسطنبول بعدما كان مضيق البسفور يحظى بهذه الأهمية.
سارع المستثمرين الأتراك والأجانب إلى تقصي المعلومات الهامة حول المدينة الذكية وحول قناة إسطنبول، مدركين الفوائد الاقتصادية للاستثمار العقاري في منطقة مؤهلة لأن تصبح قلب مدينة اقتصادية لدولة ذات تطور سريع و على جميع الأصعدة.
ومن هنا بدأت التساؤلات حول إمكانية تنفيذ مشروع المدينة الذكية على أراضي زراعية، لتجيبهم وزارة البيئة التركية بدراسات أعددتها حول إمكانية إعادة الأراضي الزراعية حول القناة إلى أراضي صالحة للإعمار السكاني.
وهذا ما حدث بتاريخ 17 يناير / كانون الثاني 2022، حين أعلنت الوزارة عن موافقتها إعادة تنظيم الأراضي في الإيتاب الأول والثاني والثالث الواقعة بجانب مشروع قناة إسطنبول من أصل 7 إيتابات من المخطط اعتمادها من أراضي زراعية إلى سكنية.
في هذا التقرير، نستعرض لكم الآلية القانونية لإعادة تنظيم أرضي قناة إسطنبول
الدراسة الأولية لأراضي قناة إسطنبول:
تقوم وزارة البيئة والتحضر وتغير المناخ التركية بعمل دراسات بيئية وعمرانية، بهدف الفحص والتعرف على نوع تربة الأراضي وقياس مدى قدرتها على تحمل عمليات الحفر والبناء.
كما وتخرج الوزارة من هذه الدراسة بنتائج تمكنها من وضع محددات مستقبلية لأنواع البناء وعدد الطوابق التي يمكن السماح ببنائها، علاوة على قياس احتمالات حدوث الزلازل والفيضانات في هذه المناطق.
وضع المخططات الأولية لأراضي قناة إسطنبول الصالحة لإعادة التنظيم:
بعد الدراسات والتحليلات التي تنفذها الوزارة بإشراف لجان مختصة، تحدد المناطق الصالحة لإعادة التنظيم من أراضي زراعية إلى سكنية، ويتم بعدها وضع المخططات والرسوم العمرانية التي توضح بشكل مفصل أماكن الأراضي والتي تبين شكل المدنية بشكل أكثر وضوحاً.
الموافقة الرسمية على إعادة التنظيم:
تعلن وزارة البيئة في الجريدة الرسمية وعلى موقعها الرسمي على الإنترنت عن الموافقة الرسمية والتي تضم توقيع كل من وزير البيئة ورئيس الدولة على إعادة تنظيم الأراضي الصالحة للإعمار.
وهذا ما رأيناه عندما أصدرت الوزارة إعلاناً بموافقتها على إعادة تنظيم الأراضي الواقعة ضمن الإيتاب الأول والثاني والثالث من أراضي قناة إسطنبول بتاريخ 17 يناير / كانون الثاني 2022.
وبطبيعة الحال، مع وضع المخططات العمرانية والتصورات البيئية والجمالية للمدينة، تستقطع الوزارة بعض من الأراضي الداخلة ضمن المشروع بهدف تأسيس الشوارع والمرافق العامة كالحدائق والمكتبات والصالات الرياضية.
فتح باب الاعتراض لمدة شهر:
تفتح الوزارة باب الاعتراض على خطط التنظيم المعلن عنها لمدة شهر من تاريخ الإعلان، ويأتي هذا حرصاً من الحكومة التركية على تحقيق أوجه العدل والمساواة بين المستثمرين في حال تم استقطاع أجزاء من أراضيهم أثناء التخطيط العمراني للمدينة.
تقييم الاعتراضات والرد عليها:
تقوم البلدية بتقييم الاعتراضات، ودراسة إمكانية الوصول لحل يرضي المستثمرين مع عدم التأثير على جودة الشكل النهائي للمدينة وبنيتها التحتية.
الاعتماد النهائي لإعادة التنظيم:
تعلن الوزارة بشكل نهائي عن المخططات العمرانية والبيئية للمدينة، وبهذا تبدأ دائرة الطابو باستخراج عقود الطابو للأراضي بصفة "ARSA" بدلاً من "TARLA"